الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: لا نـريـد حكـومة «ترقيع» ومشبوه في البعض منها

نشر في  28 جانفي 2015  (09:58)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


بعد أن فاز حزب نداء تونس ـ ودون أغلبية ـ في الانتخابات التشريعيّة وبعد أن أصبح الباجي قايد السبسي رئيسا للجمهورية لكن بصلاحيات محدودة، ها انّ السّيد الحبيب الصيد يكلف برئاسة الحكومة ليعلن عن تشكيلة غريبة تدعو الى التساؤل.

لقد كان من المفروض أن يمسك حزب نداء تونس بالوزارات الحساسة ألا وهي رئاسة الحكومة ووزارات الداخلية والدّفاع والخارجية والعدل والتعليم والشؤون الدّينية والاقتصاد وفي المقابل يترك عددا من الوزارات للأحزاب الأخرى والشخصيات الوطنيّة. لكن لأسباب نجهلها أو ربّما تحت تأثير «نصائح» تمّ «تحييد» أهمّ الوزارات وتوزيع البعض منها ما بين الحزب الوطني الحرّ ـ دون التثبّت من الكفاءة ـ ومستقلين ليس لهم ـ عموما ـ ماض سياسي أو خبرة مشهود بها، مع العلم أن الشعب التونسي ينتظر من الحكومة الجديدة برنامجا مقنعا وتجديدا في الأساليب والمناهج وقطعا مع سلبيات الماضي..

لقد عين السيد الحبيب الصيد وزراء وكتاب دولة أغلبهم من الوزن الخفيف والحال أنّ تونس بحاجة الىحكومة حرب للقضاء على الارهاب وانعاش الاقتصاد وتنمية  الولايات المقصية والتحكّم في التهاب الأسعار! كانت  تونس ومازالت بحاجة الى وزراء «مجاهدين» ولا تكنوقراط  أشبه ما يكونون برؤساء أقسام في إدارة نائمة، من ذلك تعيين القاضي ناجم الغرسلي وزيرا للداخلية وهو الذي ليست له أي دراية بشؤون الأمن، وقد انتقدته السيدة كلثوم كنّو بشدّة مؤكدة انه كان من معارضي استقلال القضاء زمن بن علي،  كما أصدر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بيانا علّق فيه على ما صرّح به ناجم الغرسلي لجريدة «الشروق» حول نضالاته الحقوقيّة، فأكّد (أي مكتب جمعية القضاة) انّه كان في خدمة النظام قبل الثورة وانّ «حضوره لبعض اجتماعاتها في عهد الاستبداد كان في باب محاولات وزارة العدل اختراق الجمعية (من قبل السلطة) قصد ضربها بعد أن دأبت على الدفاع عن استقلال القضاء، فهل يعقل ان يختار السيد الحبيب الصيد وزيرا للدّاخلية من هذا القبيل، وهل يعقل ان يعين كاتب للدولة في هذه الوزارة ندّدت به بعض الأطراف النقابية؟

فامّا أن يكون رئيس الحكومة على علم بماضي هذا الوزير وهذا أمر خطير وامّا ان يكون جاهلا له، وهذا أمر أكثر خطورة.. وممّا يزيد المسألة غرابة انّ السيد وليد البناني من حركة النهضة صرّح  بعد لقائه برئيس الحكومة انّه طلب منه تعيين وزير أصيل القصرين، وهو ما حدث فعلا بما أنّ السيد الغرسلي من أبناء هذه الجهة!

انّ الوضع بالبلاد يتطلّب اختيار وزير داخليّة قوي بلا ماض مشبوه فيه، وزير سيكرّس كلّ جهده ووقته لخدمة الوطن والانتصار على الارهاب! فما هذا يا سي الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية وما هذا يا سي الحبيب الصيد رئيس الحكومة؟

وإضافة الى الأخطاء العديدة في اختيار عدد من الوزراء، لماذا لم يقع تشبيب الحكومة بحيث تتراوح أعمار الوزراء بين الأربعين والخمسين سنة؟ ولماذا لم يكن عدد الوزيرات أكبر؟ بكل صراحة انّ التركيبة لم تطمئن عددا من التونسيين وهم يعيبون على حزب نداء تونس تخلّيه عن مسؤولياته عند اختيار الوزراء.

أما على صعيد البرنامج فأين الاهتمام بالولايات المقصيّة من النموّ الاقتصادي والثقافي والصحّي؟ لماذا لم تضف وزارة للتنمية الجهوية؟ ولماذا لم يعهدوا بتصوّر هذه التنمية لإطارات هذه الولايات مادام أهل مكّة أدرى بشعابها؟ لماذا لا تعلن الحكومة «الحرب» على التهرّب الجبائي بما أنّ الطبقة الوسطى والموظّفين والعمال هم ـ وحدهم ـ من يموّلون خزينة الدولة؟

انّ الشعب التونسي بحاجة إلى عدالة اجتماعيّة حقيقيّة وفي الآن نفسه الى ان تتوفّر لرجال الأعمال أحسن الظروف، بشرط أن يكون ذلك في نطاق الشفافية! نحن نشعر وكأنه ليس للفريق الحكومي برنامج واضح وقد يكون السبب في ذلك أنّهم مزيج من مستقلّين وحزبيين، وبالتالي فلكلّ منهم ميولاته الايديولوجيّة، وقد تصل هذه الميولات الى حدّ التباين والتضارب.

انّ أكثر ما يحيّر قسما كبيرا من الشعب، هو انه لم يتم القطع ـ جدّيا ـ مع الماضي وعوض ان عرضت على الشعب حكومة حرب على الارهاب وعلى الافلاس الاقتصادي وعلى تهميش الولايات المنسيّة والتهاب الأسعار، ها نحن أمام حكومة «ترقيع» مع احترامي لبعض الوزراء وبعض الوزيرات وكتّاب وكاتبات الدولة الممتازين.